شعب الكلام

شعب الكلام

كما يصفنا أحد الأصدقاء ... لكن هذه المرة الموضوع و الكلام من زاوية أُخْرَى خالِص
حيث أن شعب الكلام لا يقوى على الكلام بطلاقة واسترسال .. ولا أعلم لهذا سرا ً ؟؟

فأنا أحد أفراد شعب الكلام .. أتحدث هنا .. وأنا أعلم أني عند أي مقابلة تلفزيونية فُجائية
أبدأ بالتأتأة والـ ( آآآآآآآ ) السعوديّة ُالصُنع والإستخدام .. وهي علامة الجودة لشعب الكلام

عند حديث أي سعودي لأي مذيع متجوّل يبدأ باللهجة العاميّة مع إرفاق بعض المفردات العربية الصِّرفة
في إشارة واضحة على الإلمام الكاذب باللغة الفصيحة .. ومُعربها ومبنيها والمجرور منها والمنصوب

ياخوي حنا السعوديون لابد أننا يرخصون لنا الأسعار

فقط .. نظرة على عُجالة لسؤال اليوم في الإخبارية .. ومش حتئدر تسكر فمك
قد تجد بعض المتحدثين بآراء مثمرة ولكن صياغة الرأي ضعيفة ومليئة بالـ ( آآآآآآ )



محمد عبده في العراب

حاس وقبع .. وخبص ورقع .. وطلع لنا بتقليعات جديدة .. يقول آآآآآآ ... آآآآآآ ... آآآآآ
القوافل في المدينة ... آآآآآآ .... آآآآآآ .. نمط كلاسيكي ... ونمط متجدد .. آآآآ .. آآآ

فَيرد نيشان مدري صنيتان ..( يا أَلله .. شو هالزلمة ِ زكي .. لا لا ..!! هَيِدا سُوبّر زكي )
ثم يتدخل تركي الدخيل ويستضيفه لكي يحسّن صورة فتّان العرب .. غير ان تركي نفسه يتأوأو

بمناسبة الحديث عن عرّاب محمد عبده و إضاءاتُه .. كتب الأنيق محمد السحيمي هذه العبارات :

إقتباس:
مهما كانت "تخبيصات" أبي نورة السابقة، واللاحقة غداً في "إضاءات"، فهو مطرب لا أكثر
ولا يلزمه أن يكون موظف علاقات عامة في وزارة الخارجية! وهو ليس المطرب الوحيد
الذي لا يحسن الحديث، فما أكثر أشباهه


لفت إنتباهي من بين الردود المصاحبة للمقال :



إقتباس:
الى متى نظل نشرشح الاخرين ونسب هذا ونسخر من هذا

أما الرد الآخر .. فكان الأقرب لموضوعي :

إقتباس:
اتمنا اسمعك انت تتكلم ارتجالي اشوف كيف الضياع

مُلاحظة / نُقلِت جميع الإقتباسات كما هي بدون أي تصحيح إملائي أو لغوي



في دبي

كنت أتابع مهرجان دبي قبل سنوات .. كانت تحدث مقابلات عشوائية مع زوار الأسواق
وتبدأ الأسئلة عن المهرجان .. وبلد الزائر .. إلا أن السعودي لا يُسأل عن جنسيته أبدا ً

فالكتاب باين من عنوانه .. فقط يكون السؤال " أنتم من السعودية ؟ " وحدث أن سألوا
ثلاثة شبّان .. وكان بينهم شخص طويل القامة مد المذيع المايكروفون بين الثلاثة

وسأل السؤال .. انتم من السعودية ( باللهجة العَامّية ) .. فما كان من أطولهم
إلا أن مد رقبته تماما ً مثل الناقة وقال : أجل ... وأعاد الرقبة إلى حيث تسكن

في منظر مضحك .. لم أتمالك نفسي من القهقهة .. ولا المذيع الذي اكتفى بابتسامة
عريضة جدا ً هي أقرب ما تكون للضحك .. وانتهى اللقاء بإصابات بالغة في اللغة




سؤال اليوم

عن شعارات المرور .. وماهي أفضل عبارة يتوجب وضعها في شعارات المرور ؟؟
بمناسبة يوم المرور الخليجي أو العالمي أو القارّي .. هو أصلا ً في شيء زي كذا ؟

وسألوا أحد الشباب المتحمّسِين فأجاب : آآآ .. السرعة الجنونية قاتلة
آآآ أعتقد .. هذا أفضل شعار يُحَطّ في مثل هذا اليوم المهم للسعودية

غير أن الأسئلة الأخرى في الأيام السابقة والقادمة ايضا ً .. تقابلها إجابات موحّدة غالبا ً وكأنها شماغ البسّام
وهي : ( ضُعف الوازع الديني ) بالضمة على الضاد وكأن المُجيب وازعه الديني يحول بينه وبين بلاويه ؟

فسألوا أحدهم في ذلك اليوم .. عن إستخدام الآيات القرآنية كرنّة للمحمول
فأفتى بعدم جوازها وأرجح ذلك إلى ضُعف الوازع الديني هههههههههههه

مع العلم أن الشخص المفتي يتضح من " خِشّته " انه مو داري وين الله حاطّه
و المعروف أن الإفتاء لا يكون بطريقة ( خذني .. جيتك ) لابد من الإجتهاد

وقد يكون ذلك الشاب المفتي إجتهد فله أجران



على المستوى الرياضي

أول شيء بسم الله الرحمن الرحيم ( وجه يضحك )

بالطبع .. سوف تستمع لمطبات خطيرة عند خسارة فريق اللاعب كلام و كلام و كلام وكلام
خلاصته الحَكَم حتى وان كان الحكم بالفعل مرفّع .. ايضا ً عند الفوز او حتى المقابلات العادية

أتذكر مقابلة اللاعب عبده عطيف بعد الفوز على الأهلي العام الماضي بنتيجة 1-6
كان يتحدث ويضع فاصلا ً بين كل كلمة .. كلمة ( يعني ) فأصبح الكلام معه مُضني

آخِر مقابلة لأحمد البحري في صدى الملاعب .. كان يردد كلمة ( بالعكس )
تماما ً مثل عبده عطيف وفواصله .. غير أن فاصلة البحري بعيدة عن مقاصِده

فأصبح كل ما أراده عكس ما أراده

وليد عبد ربه .. ما أقول إلا الله شكرا ً .. محمد الشلهوب .. و إن شاء .. و إن شاء
و إن شاء .. وإن شاء الله .. والكثير الكثير من اللاعبين المتحدثين بشكل جيّد

ايضا ً على مستوى الإداريين ورؤساء الأندية .. منصور البلوي قبل أعوام تعاقد
مع لاعبين لا يجيد نطق أسماءهم خصوصا ً إسم كلاوِدّيُو بيتبول وله العذر


جمال تونسي .. أشكركم على حضوركم .. و أشكر كل مكّاوي أصيل ساهم
وانا بدوري أشكركم .. و الوحدة ستظل في قلوبنا للأبد و أشكر ابناء مكة

وسأتوقف عن مطبّات اللقاءات الرياضيّة فمعظمهم بشهادة " سادسة باء "
هناك أسماء جيّدة .. تتكلم بطلاقة خالد الشنيف و صالح الداؤود و حسين الصادق



الممثلين

حلقة صادو .. مع الممثل أبو هلال ( سَلوتو حُبّك طعّجني ) .. عندما كان السؤال
عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر .. قال : وش ستّمبر ذا < بالشدّة على التاء

عبد الله السدحان وهو يحاول جاهدا ً الظهور الإعلامي المليء بالرّزّة ولا يقوى
حتى انه في أحد اللقاءات قال .. اللي نسويه من أعمال لا علاقة له بالفن ابدا ً

الكثير من الأسماء .. هنا وهناك .. في جميع المجالات ماهي الا أمثلة
لرؤية طريقة الكلام عند شعب الكلام .. قد يرى البعض ان الموضوع

ليس له أهمية أبدا ً .. أما أنا .. فقد كنت في الصِغر أبدأ بِعَدّ الآءات في المقابلات
واليوم بدأنا بالبحث عن المُسبّبات الحقيقية للتأتأة والـ آآآآ .. وما شابه ذلك



حِصّة التعبير

لا أزال أتذكر ذلك الموضوع الذي طالبنا به الأستاذ عبد الهادي .. " رِسَالة عتاب "
عبد المجيد طالب مثابر .. ولكن المثابرة قد تصطدم بحواجز جدارية ضخمة تُفتّتُها

يبدأ عبد المجيد بإلقاء رسالته وهي رسالة عتاب كما أسلفنا :

بسم الله الرحمن الرحيم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. إلى صديقي العزيز عبد الله
كيف حالك و أحوالك وكيف حالك .. انني أعتب عليك يا صديقي عبد الله وسامحني

والسلام ختام

عبد المجيد الفلاني
شخطتين ( توقيعه )

أحمد الله على ذاكرتي .. دائما ً .. فبالفعل وبدون مبالغة والله على ما أقول شهيد
نفس النص الذي أكتبه لكم .. هو نص عبد المجيد .. هدوء ثم دوت قنبلة من الضحك

إستفتحها مدرس اللغة العربية نفسه .. أصبح عبد المجيد يتصبب عرقا ً - يا حبّة عيني يا مجيد -
من قوة الإحراج .. أما دفتر عبد المجيد فأصبح بين عشيّة ٍ وضحاها مطلوب من الفصول الأخرى

للضحك .. كان الأستاذ عبد الهادي مُستمتعًا بهذه المطبّات .. بل أنه يعلّق على كل كبيرة وصغيرة في تعابيرنا
وياليت التعليق كان مفيد .. الا كله محشّات .. فأصبح عبد المجيد كثير السكوت ولا يشاركنا في الإلقاء أبدا ً


اما أ . عبد الهادي فقد كان ينظر في دفاترنا ويصحّحها ويطلب مننا قراءتها بعد ذلك
في نفس ذلك اليوم .. كنت قد جهّزت تعبيري .. ولأني بدوي ما أعرف اضبط دفتري

قمت بتلوين آخر النص بهذه الطريقة :

/////////////////////////////////////////////////////////////

كأنها ظرف رسايل الرِفد

وأنا أتخيّل فيما بيني .. عبارات الثناء والمديح من الأستاذ على هذا التنسيق
تماما ً كما أتخيّل الآن .. إنطباعاتكم حيال موضوعي الكلامي .. الذي تقرأون

أخذ الدفتر .. وعندما شاهد التخطيط والتنسيق بالأقلام الجافّة ... بدأ بالمحشّات
أتذكر انه رفع الدفتر للأعلى حتى يشاهد جميع من في الصف تنسيقي وعملي

وقال : يا أخوان الألوان هذه ما تذكركم بثلاجات زمان ؟


تحطّمت يا حبّة عيني يا أنا .. فأخذت الدفتر لألقي على مسامع الزملاء رسالة العتاب خاصّتي
وعندما بدأت .. تذكرت محش الأستاذ .. فبدأت بالإبتسام .. ثم الضحك .. ثم القهقهة بصوت ٍ عال

حتى ضج الفصل بالضحك .. وانا أقول : بسم الله الرحمن الرحيم ... ههههههههههههههه - مِتّ من الضحك -
الى صديقي ههههههه .. ومن لعانة الأستاذ عبد الهادي , ونذالته وهي السمة الأبرز في شخصيته - أقصد النذالة -


كان يطلب مني إعادة القراءة ... ليس من اجل المحاولة .. بل ليضحك ويُضْحِك الآخرين
بمحشّاته .. حينها .. أصبح جميع الطلاب في حالة رعب عند إلقاء التعبير بل أن بعضهم

يكتبه .. ولا يقرأه أبدا ً فيأخذ الصفر عِوضا ًً عن المحش .. مع ان الأستاذ عبد الهادي دائما ً يقول
وقت المزح مزح ووقت الجد جد .. ويعتبر المحشات نقد أدبي جِدّي يفيد الطالب والدليل عبد المجيد




الصغير ما يتكلم

يدخل مجلس أعمامه وخواله ... فقط يسلّم ويسألونه عن الصِحّة والدراسة فيجاوب وينتهي
ثم يدخل مع من هم بسنه تحت غطاء الصمت و الإنصات لأحاديث الكِبار حتى ينفضّ المجلس

يقول أحد الأصدقاء : ابوي يقول : لا دخلت المجلس إشتر ِ ولا تبيع .. يعني سد حلقك
واسمع .. المقولة ممتازة و إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .. ولا إختلاف

الصمت حِكمة .. ولا اختلاف .. ثم وبعد فترة ينطبق عليه المثل القائل ( سكت دهرا ً .. ونطق كُفرا ً )
فلا تمر البصرة ولا تفاح الشام .. أحيان يكون حكيم القبيلة شخص صغير في السن ولكنه متحدّث لَبق

ينصت الناس له .. ويجذب الآذان بجمال حديثه .. وحُسن منطقه .. ولكن اذا كان الصغير قد تربى
على أن العُمر هو الفارق .. فقد أصبحت كل آماله و أحلامه طول أشنابه وتطاير لعابهُ من كُثر هَبابهُ

ايضا ً إيقاع الكلام في المملكة بطيء جدا ً .. أذكر مرة راجع من الشرقية بالطيارة وجنبي واحد نجدي
سألني : من وين انت ؟ .. قلت من مكة .. رد علي : من مكااااااااه ؟؟ بنبرة الإستفهام النجدية

رديت عليه بالتمطيعة الحجازية : إيييييييييييوه ... يابوووووية أعتقد ان المحادثة بيني وبين هذا الشخص
إستمرت ثلاث دقائق دقيقتان منها تِمطّع ودقيقة كلام ... يقول احدهم ان أهل الجنوب .. الأكثر سلاسة وانطلاق

غير أني أرى ان الجنوبي يكثر من القسم .. والأيمان .. والدعاء .. في كل محادثة حتى اصبح
حديثه اكثر سرعة .. والمعروف ان الحلفان أصبح من المُرفقات المهمة في أي جملة ٍ كانت

حتى أنا .. دائما ً ما أختم حديثي بـ ( والله - وربي )



هل هناك مجال للتصحيح والتحسين وتطوير الذات عندما نتكلّم ؟
أم ان شبح الـ ( آآآآآ ) ما زال يحوم في سماء المملكة وشعبها المُتكلِّم ؟